| أ. طانيوس منعم قصَائِد … لهَا تاريخ … طبعة ثانية مزيَّدة 1979 ©جميع الحقوق محفوظة© تقدمة الى الإِنسانة: المأساة .. من أعطتني حبّاً وأوسعتني حنانـاً فكانت أعطفَ شقيقـةٍ وأحنَّ أُمّ .. إِلى « جوليا ».. هذا أنا! خَواطر.. عَفواً خَطرت.. وعفواً كُتِبت عَبرَ انفعالٍ بأحداث.. نوابضُ آلامٍ على لواعجِ آمالٍ، في غدٍ يُبدِعُه رُوادُه زحفاً.. في مطالعِ الآفاق ورِقاب الدروب هؤلاءِ، لا سواهم معنى ألمي وموضوعُ رجائي ومحتوى حبّي.. هذا أنا شِئتَ أو أبيت أحببتَ أوكرهت وهذا شعري.. قرأتَ أولم تقرأ تذوَّقتَ أو لم تتذوَّق هذا أنا مشاعرُ فكر وفكرُ مشاعر رسالةُ معبدي: انفتاحٌ على الانسان في شمول إِنسانيته. في مواقف التزامها وكفاح مُزوَّريها.. هذا أنا نشأةً ووظيفة غيرُ ذي قدرة على تزوير نفسي، لأنّي ازوِّر تاريخ إِنسان.. وأُسيىءُ الى مكانه في السُلَّم نشأةً ووظيفة وهذا شعري: معاناةُ ذاتٍ في تعبير وفِكرٌ متفائلٌ في أبعاد هذا أنا وهذا شعري رضيت أو لا ترضى تذوَّقت أو لا تتذوَّق فمن تكون أنت؟ في رفضك: من أنا؟! عَلَم رَفرِفْ، كما شئت واشمخ أيُّها العلَمُ كبرْتَ.. تكبَرُ في عليائك الهِمَمُ خَفَقْتَ حيثُ بنوك الصيدُ قد ذهبوا يحدوهُمُ المالُ أو يحدوهُمُ القلَمُ وعانقت أرزَك الصحراءُ.. والتفَتَتْ الى ذُراك.. وحيَّا ثلجَك الهرَمُ ومن على « السين » و « التاميز » مرتفِعٌ كشاهِدٍ أنَّهم، بالأمسِ قد ظلموا! ومن على ضِفَّة « الفولغا » بنيتَ لنا من الصداقةِ صَرْحاً دونَه العدَمُ ويومُ « تشرينَ » يبقى في انتفاضته ناراً تُشَبُّ على « الغازي » وتضطرِمُ فالشرق فُوهَةُ بركانٍ إذا اندلعت.. في مِصرَ، في الشام، لظَّت وقدَها العجمُ ما أنتَ بعضَ نسيحٍ طرَّزته يدٌ.. لَأنت تاريخُ شعبٍ قد سقاهُ دَمُ وقفٌ عليك نفوسٌ لا نَضَنُّ بها على الحراب متى ناديتَ ياعلمُ لهَب حطِّمي القيد.. إِنثِرِيه.. هَباءَ واستبيحي للشعب ما الشعبُ شـاءَ أَشعِليها حمراءَ قُطراً فقُطراً.. ليس تُجدي إِن لم تكُنْ حمراءَ عُصبَةٌ تنصُر الدخيلَ.. لتبقى.. تلثِمُ الأرضَ دونَه والحِذاءَ وادَّعَت حبَّنا فكان ثراءً.. وادَّعَت خيرَنا.. فكان شقاءَ شفَّ ذاك الغِطاءُ وانتبهَ الشعبُ على ثورةٍ تُزيحُ الغِطاءَ ثورةٌ للشعوبِ تكتسِحُ « الشرقينِ » ويجتاحُ وقدُها الصحراءَ.. يا شعوباً أَخَنَتْ عليها الزِعاماتُ: ملوكاً.. وقَادةً.. أُمراءَ هشَّمتْها فكراً وروحاً وقلباً فتهاوت أقطارُها أشلاءَ وتهادى المستعمرون لصوصاً حالفوا في « قصورهم » عملاءَ أسلموا الشعبَ للفناء وقاموا كالتماسيح.. يُكثرون البُكاءَ أَيُّها الغاصِبونَ جيشاً.. ومالاً عَرَباً تُعرفونَ.. أو غرباءَ عَرْبِدُوا.. فالزمانُ باتَ قصيراً إِن للظمِ والظلامِ انتهاءَ عبثاً نرتضي احتلالاً وقهراً ليس نرضى الا الجلاءَ.. الجلاءَ عَهد عهدٌ مضى.. قُبِّحْتَ يا عهدُ ناحَت على نعمائه « دعدُ » جاعت ثعالِبُه وما شبعت.. فإِذا الكرومُ منابتٌ جُرْدُ ومكارمُ الأخلاق ليس لها وزنٌ.. وليس لضدِّها حَدُّ والحرُّ! وَيلَ الحُرِّ.. طاردَه عبدٌ.. وغلَّ لسانَه عبدُ.. عهدٌ! مجازرُه افتعال هوىً غِيلَ الشريف وحُصِّن الوغدُ نُهِمٌ! الى ماذا؟! فهل دمُنا ثمناً تولَّى هدرَهُ عهدُ؟! وطنٌ.. « حُماة » سلامه ائتمروا بسلامه.. واستبسل الحِقدُ أحببتُه كُلاًّ لسائِرِه لا أن يلُصَّ كنوزَه فردُ أحببتُه.. لكن كرِهت به أن يستبيحَ عرينَه قِردُ عيد.. وشجرة شبابَ العُلى.. يا ثروة اليوم للغدِ وثورةَ هذا الشامخِ المتمرِّدِ يعِزُّ بكم لبنان: فكراً وساعداً ورُوَّادَ آفاقٍ وطلاّعَ أنجُدِ.. … لنا وطنٌ شعبٌ شديدٌ مراسُه حليفُ نضالٍ زاخرِ الدَّفقِ مُرعِدِ سلُوا يومَ « تشرينَ » العظيمَ.. فيومُه ملاحمُ عنها حدِّثِ الآنَ واشهدِ نَشيدُ.. ونُعلي ما نَشيدُ كأنَّنا مع الطائرِ الكوني في شِبهِ موعِدِ … رُبىً زَلَّ عنها النسرُ خُضْرٌ زواهِرٌ تسامِرُها في الليلِ أضواء فرقدِ بعيدةُ مرمى الطَرْف شرقاً ومغرباً وإِلفُ خِضَمٍّ بالأعاصيرِ مُزبدِ وفي السفحِ.. ما شاءَ العليلُ جداوِلٌ ينابيعُ.. فانهَلْ كوثرَ الماءِ وازدَدِ كأنَّ أغاريدَ العصافير فوقَها أهازيجُ أعراس الجمالِ المخلَّدِ أفِيءُ الى تلك الشُجَيراتِ في الضُحا، وأَغفو هُنيهاتٍ على لحنِ مُنشدِ، بلادي.. هواها ثورةُ الحقِ في دمي وأرضُ بلادي في العشيَّاتِ مرقدي كِلانا ظِلالُ اللّه.. معنى وجودِه وتشويه وجهِ اللهِ إيمانُ مُلحدِ أُقبّل شقَّ الفمِّ.. حُمرَ ورودها وامسحُ بالكفِّينِ وجنَة جَلْمَدِ ولَمْ تعذُلوني؟ إِنَّ لبنانَ موطني ولبنانَ فِردوسي ولبنانَ مولِدي ولبنانُ أيدٍ تزرعُ الخيرَ في الرُبى وتُنبِتُ قلبَ الصخر.. ثروة عسجَدِ وريشةُ رسَّامٍ.. وأنغام شاعرٍ وتجويدُ مِحرابٍ وترتيلُ معبَدِ ونصرةُ مظلومٍ ونُجعة رائدٍ وقِبلة مصطافٍ وراحةُ مُقعَدِ ومرتَبَعٌ يلقى به الحُرُّ أهلَه إِذا جئتَه.. فاخلَعْ نعالَك.. واسجُدِ هو الحب.. إِلا أنَّ مشبوب حقده دمارٌ لمن يبغي عليه ويعتدي.. … مجاذيفُ.. راضت جامحَ الموج وانبرتْ تروح على اليمِّ الذَّلولِ وتغتدي.. وأشرِعةٌ بيضاء.. والكون مظلِمٌ تذرُّ ضياءَ الحرف هَدْياً لمهتدي أُولئك! من هم؟! ما لهم؟! ما لنُورِهم؟! يَشِعُّ على ناس هنالك هُجَّدِ ألا.. نحنُ من لبنان..! يا أنجُمُ ارقُصي.. ويا بحرُ سجِّلْها.. ويا سُحْبُ زغرِدي لَعمرُك فتحٌ.. كان بِدعاً ولم يَزلْ كما كان.. عبر الأمسِ واليومِ والغدِ … تفاءَلتُ.. والأيامُ يصفو نعيمُها.. بمستقبَل حُلوِ التباشيرِ أوعدِ تفاءَلْت.. والكونُ الرحيبُ تهزُّهُ طلائعُ عصر ثائرٍ مُتجدِّدِ.. تدافعَ زحفاً إِثرَ زحفٍ فلم يَدَع عبيداً ولم يستبقِ سلطانَ سيِّدِ ولبنانُ صدرُ الدرب.. فليخسإِ الأُلى أرادوا له عجزَ الطريقِ المحيَّدِ مخاليقُ.. تُؤذيهم سعادةُ شعبه ويُسعدُهم بؤسُ الفقيرِ المشرَّدِ إذا حاولوا إِبقاءَ لبنانَ ظلمةً فما خُلِقَت شمسُ النهارِ لأرمدِ وفي كُلِّ آنٍ للأباطيل صحوةٌ كطرفةِ عينٍ تنتهي حيث تبتدي.. … أمعبودةَ الإِنسانِ في فجر يومِه نَعمْتِ.. ونِعْمَتْ فِكرة المتعبِّدِ بجنَّةِ عدْنٍ..كم قُلوبٍ تعلَّقتْ لتهنأَ في أكنافِ ظلٍّ مُمدَّدِ أَخرساءُ! كم أُسمِعْتِ بثَّ لواعجٍ وكم غادةٍ هامت لديكِ بأَغيَدِ وكم لذَّ من وصلٍ! وكم طابَ من هوىً! وكم لَذَّ من غُنجًِ! وكم طابَ من ددِ وكم من هزارٍ شاقه الوجد فانبرى على غُصنٍ غضِّ المعاطفِ أملَدِ أَمعشوقةَ الإِنسان: زهراً وخُضرةً وزينةَ كونٍ بالجمالاتِ سرمدِ يميناً.. لَأنتِ فِتنةُ الأرضِ والسما قطعْتُ يدي.. إِمَّا أضرَّت بكِ يدي.. … عَطاءً.. عطاءً أيها الأرض.. كلَّما سقتك يدُ الإِنسانِ جُدتِ بأجودِ نداك نداه.. بل ثراك ثراؤُه فيا عرقَ العُمَّالِ.. بُورِكْتَ.. فاخلُدِ أو يَمُوتَ القَدَرُ ها هنا.. ذوَّبتُ أيامي على صخر مُدمّى.. وحَجَرْ مِعوَلي.. الأرضُ على أنَّاتِه تَغنَى وينثالُ الشرَرْ وعلى كفَّيَّ ينمو الشجَرُ ويطيبُ الثَمرُ وعلى كُلّ حصاةٍ من لهائي دُرَرُ وعلى الرابيةِ الخضراء، من عمريَ يرنو أثَرُ.. عَرَقي.. يا ذَوْبَ أنفاسي سعيراً في سعيرِ قاطعاً حمراً، وآهاتٍ وآلاماً مريرَهْ بين ملهاةِ غنيِّ أكـل المالُ ضميرَه ومعاناةِ فقيرٍ نخر الهمُّ سريرَه يدُهُ تبدِعُ دنياهُ وتختطُّ مصيرَهْ يتحدَّى القدرا أو يموتَ القدرُ عَرقي.. يا خالقَ النُّعمى على درب الحضاراتِ الرحيبِ ذَهَبٌ ينهَلُّ من جبهةِ جبَّارٍ شديدِ الأسرِ.. مقحامٍ صليبِ يتحدّى القدرا أو يموتَ القدَرُ عَرَقي السكبُ دمٌ يُعتَصَرُ ودموعٌ لهبٌ تنهمِرُ وثراءٌ سَلَبٌ يدَّخَر وضميرٌ يحقِدُ ودماغٌ ويدُ ونِظامٌ فاجرٌ يندثِرُ نحنُ.. يا هذا! أُناسٌ بَشَرُ.. نتحدَّى القدرا أو يموتَ القدَرُ! شُمُوخ ها هنا.. اخضرَّت بعينيَّ المنى وانزاحَ يأْسُ.. وهنا.. انتحر الماضي.. وضمَّ الأمسَ رمسُ وهنا.. في ملعبَ الموت اختشاءُ الموتِ رِجسُ وهنا.. ينهزِمُ الليلُ.. فخلفَ الأُفقِ شمسُ وهمومي! تأكل من قلبي، وأعصابي هُمومي ورؤىً حالِمةُ الضوءِ بأمداءِ النجومِ وهنا.. في أرضيَ الثكلى جِراحي وكُلومي وهنا.. في المنزل المهجور في تلك الحنايا ذكرياتٌ.. نبْضُ آهاتٍ.. وآثارُ بقايا هيَ منّي.. هي من ذاتيَ ذَرَّاتٌ سبَايا فهنا بعضُ رؤايا وهنا بعضُ خُطايا وهُنا.. أفنيتُ من عمري شبابا وتوشَّحتُ عَذابا وتوسَّدتُ تُرابا وانتهبْتُ الدرب أطويها سهولاً وهضابا وغدي.. غدِيَ الواعِدُ نارٌ في رمادِ تتلظَّى لَهَباً ينداح عبرَ الكون.. في دفْقِ امتدادِ ومصيري!! عبثٌ يلهو ازدراءً بمصيري في سخافات « القُصور » ومتاهاتِ الفُجورِ نتحدَّاهُمْ.. شموخَ النسرِ.. عصفَ الريحِ.. في المدِّ الكبير.. في بطولاتٍ ملاحِمْ فوق أشلاءِ الهزائم نصنع الدنيا بمن فيها.. بما فيها.. أهازيجَ انتصارِ وعناوينَ سلامٍ وازدهارِ.. يَا هذَا..!! كن كما شئتَ.. وخلِّيني.. أُعاني ما أُعاني لستَ من رأيي.. ولا شأُنك في دنياك شأني جاهلٌ أنتَ! وفي جهلك مغرورٌ وجاني مِثلُك أَدْوَنُ، في الفكرِ، مكاناً، من مكاني لن تراني مثلَما تأمَلُ مني أن تراني.. ألَهُمْ؟! ينحسِرُ الطرْفُ وتمتدُّ اليدانِ؟! ألَهُمْ؟! تُنْتَجُ أرزاقٌ؟ وتسعى قدمانِ؟! غصبُوا حقَّك.. واختالوا بوهْج الصولجان أكلوا زادَك.. مجبولاً.. بأعراقِ الهوَانِ واطمأنَّوا؟ إِنَّ في اطمئنانهم ذُلَّ الجبانِ.. أرأيتَ الفجرَ.. صخَّاب الضيا.. خَصْبَ الأماني والدروبَ الخُضْرَ في الآفاقِ، زهوَ المِهرجانِ وانتفاضاتِ ذوي البؤسى! أغاريدَ الزمانِ! صرعوا البغيَ.. ليبنوا غدَهم في عنفوانِ لستَ من جيلي.. يا هذا! فجِيلي ثورتان: رِيعَتِ الأرضُ بقُطبَيْها.. ورِيعَ القمرانِ لا تلُمْ.. عيني على الجُلَّى وقلبي شاهِدانِ كن كما شِئتَ.. وخلِّيني أُعاني ما أُعاني لن تراني مثلَما تأمَلُ مني أن تراني.. هُمُومٌ! هَمَّني من عمريَ الذَّاهبِ أني لن أعودا وهمومي هِمَمٌ في الأَرضِ أخشى أن تبيدا أكما كنتُ وجوداً هكذا.. أفنى وجودا؟ كبُرَ الموت.. فإني أتحداه خلودا.. همَّني أن نُبدِع الإِنسانَ.. إنساناً جديدا يتخطَّى أمسَه الماضي حُدوداً وسُدودا همَّني أن ننظُمَ الثورةَ للدنيا.. نشيدا نزرع الكونَ -مدى الكَونِ- زهوراً.. وورودا ونصفِّيْهِمْ.. طُغاةً جعلوا الناسَ عبيدا همَّني من عمريَ الذاهبِ أنّي لن أعودا وأرى آماليَ الكبرى لهذا الكون، عيداً كبُرَ الموت.. فإني أتحدَّاه.. خلودا رَفْض خُذوا شارةَ القتل.. يا مجرمون.. فإنَّا لنرفُضُ أن نقتُلا خُذوا المجدَ: مجدَ أباطيلكم فنأبى.. ونرفُضُ أن يُحمَلا.. رفضْنا المقابِرَ منقضَّةً على أرضنا.. منزِلاً منزِلا! رفضناكمُ.. أنتمُ المائتين.. فلسنا نحالِفُ أهلَ البِلَى نُحِبُّ الحياةَ اخضرارَ الربيع ونستعذِبُ السفح والجدوَلا نصوغ الجمالاتِ أُنشودةً، ونصنَعُها غدَنا الأفضلا رفضناكُمُ.. يا نُشاوى الدِماء ويا قُبحَ عالمِنا المبتلَى خذوا شَارةَ القتلِ يا مُجرِمون.. فإنَّا لنرفضُ أن نُقتَلا.. دُولار! أُخِذَ السبيلُ عليك! يا « دولارُ » خيُر الهزيمةِ فيك أنك عارُ نظَّمْتَ مجزِرة الشعوبِ وقُدتَها.. في صفحتَيْكَ من الدماءِ.. بحارُ وزعَمْتَ أنك رَبُّ عصرٍ، فاجِرٌ.. في قبضتَيْهِ تُصرَّف الأقدارُ مهلاً ترَ الآتي عليك زعازعاً تَنقضُّ ماحقةً.. وُيؤخَذُ ثارُ ذِمَمٌ تُباع وتُشترى.. فكأنما أصحاُبها بك ساسةٌ تُجَّارُ وعلى يديك.. تَقنْبَلَت.. وتَصورَخَتْ زُمَرُ الخيانةِ واستُبيحَ الدارُ نَضَبَ الحياءُ.. وأنت سرُّ نضوبه يا ذُلَّ من فُضِحَتْ لهم أسرارُ فَتَّشتُ عن سبل الجرائم في الورى.. فَوجدتُ أنَّ سبيلَها « الدولار ».. قَرْيَتي! عُدت أحيا نعيمَها وشقاها ساكباً ناظِرَيَّ في مرآها لَوحةٌ خطَّها الجمالُ ظِلالاً لستَ تدري كيفَ الجمالُ احتواها كلما شاقَني الحنينُ إليها صَغُر الكونُ، واستوى في مَداها كم زرْعنا في أرضها وشقِينا! كم بنَينا! وكم عرِقْنا جباها ولكم صالتِ « الذئابُ » علينا فحطمْنا أنيابها والشِفاها عُدتُ أروي أيامَها يوم كُنَّا في المراعي الخضراءِ نرعى الشياها شُرَّداً! نسرِق الثمارَ.. ونجري نسلُبُ الطيرَ عُشَّها وهناها! شرَّداً! آهِ شرَّداً.. لا تسلْني كان مثلي نَهْبَ الشقا تيَّاها.. لاتَلُمْني.. إِن الزمانَ ظَلومٌ وأرادوه أن يكون الإِلاها؟! ذلك الطفلُ كُنتُه.. آهِ منه آهِ من يُتمِه.. وردِّدْ.. آها كلما نفسُه نَزَت كبرياءً ركّعُوه.. وحطَّموا كبرياها جيلُنا ذاك.. قد تراخت سِنُوه وانطوى بُؤسُه على ذكراها يومَ قِنديلُنا الشحيحُ بصيصٌ في دُجاها وما أَضاءَ دُجاها واذا ماهَتِ السماءُ شرِْبنا من صهاريجها الوباءَ مِياهَا يومَ بيتي كوخٌ وخبزي قَفارٌ وثرائي من بعضِ ما في ثراها وبأعيادِها المواسمِ كانت لا تَراني.. أيضاً أنا لا أراها … أنكرتني! أو هكذا جاءَ ظنّي حينَ غامت فكراً وضلَّت متاها أنكرتني! لكنما الجهلُ عذرٌ لي رُؤاها.. وما استبانت رُؤاها.. وطني وطني أُحِبُّك كالعُقاب مناعةً وكمثل أنداءِ الصباحِ شَرابا وأُحِبُِّ آياتِ الجمالِ تمرَّغت في السفحِ وانتفضَتْ عليك هِضابا لبنانُ لولا أن تكونَ خميلةً لغدت ربوع الشرق بعدَك غـابا نفديكَ من وطنٍ توزَّعَ أَنجماً ورسا أُصولا واستطالَ قِبابا وامتدَّ في التاريخ وسمَ حضارةٍ حُفِرَتْ على صدر الزمانِ كِتابا.. الداءُ المُثلث..! إِلامَ؟ يظلُّ الشعب عن حقِّه غبِيْ ويرضى بما يوحيه ناموسُ أجنبي؟ ألم يكفِهِ ألاَّ يُجابَ لمطلبٍ وقد نال منه الأجنبي كلَّ مطلبِ؟! يخادعه خَدعْ الصبي عن رضاعه فيمتصُّه من دون أن يعلَمَ الصَبيْ شكونا قيوداً شدَّها في رقابنا ليحكمَنا « الغربِيُّ » باسم التمذهُبِ وَضعنا أمانينا لديه أمانةً فضاعت ضياع الحُلْم في طيَّ غيهبِ تضيعُ أماناتٌ؟! وتبقى كرامةٌ؟! لَعمرُك، ما أوحاه رب إِلى نبيْ بني وطني! إنَّا مقيمون في الحمى غريبينَ.. يا للقاطن المتغرِّبِ! عِمامةُ شيخٍ.. أو قَلسوَةُ راهبٍ بطيِّهما شرٌّ يُببنُ ويختبي لقد فرَّقونا بالإِله طوائفاً وربُّك لا يرضى بغير التقرُّبِ إِذا كان باري الخَلْقِ، في الخَلْقِ واحداً فليس يُثنِّيهِ انتحالٌ لمذهبِ وإِن كان هذا مأرَباً يبتغُوَنه فقُبحاَ لمبغاهم.. وتبّاً لمأربِ شعوبٌ بصدر الشرق والغربِ زحفها مُسلسلة الأنسابِ من صلْب يَعرُبِ لقد وسمتْ دنيا الفتوح بنورها كما يوسم الليلُ البهيمُ بكوكبِ فصارت من الشرقي دولةَ مذهبٍ وأضحت من « الغربي » حِصَّةَ ثعلبِ وبِتنا بأسواقِ المطامعِ سِلعةً تُباع.. وتشرى.. من كذوبٍ لأكذبِ مُثلَّثُ داءٍ ضلَّلَ الرأيَ بيننا فنحنُ من الدّنيا كعنقاء مُغرِب أليس لهذا الليلِ فجرٌ يضيئُه فيقضي على برقٍ من الوهم خُلَّبِ فنبرأَ من داءٍ عضالٍ مثلّثٍ ونخلصَ من شيخٍ وقَسٍّ وأجنبي؟! هِجرة أَحِنُّ إِليهِ بُعَيدَ النوى حنينَ الهزارِ إِلى الموكِنِ وأُرسِلُ النظرةَ لمَّاحَةً تَرفُّ اشتياقاً إِلى الموطِنِ هجرتُ مغانيهِ من وَحشةٍ وكُنتُ منَ الإِنسِ في مأمنِ تنكّر للطِيبةِ « الملتحُون » وجُنَّ جنونُ الهوى المُزمِنِ ولولا الولاءُ لجُهدِ السنينْ وأعراقِ أياميَ الهُتَّنِ لعِفْتُ الديارَ وأهلَ الديار وإِغراءَةَ العيشِ في مسكِني ولي جِيرَةٌ بعضُها طيِّبٌ وبَعضُها ذو خُلُقٍ آسِنِ وبعضٌ إِذا جئتَه ناصحاً تكشَّفَ عن جاهلٍ أرعنِ |